الاثنين، مايو 12، 2008

الضاحية تتوسع: قهر الدروز بعد السنّة

الحزب الإلهي يصعد بصواريخه ومدفعيته إلى عاليه

مع تجدد الإشتباكات بعنف شديد في منطقة عاليه اليوم الأحد مع مسلحي "حزب الله " المتمركزين في القماطية وكيفون، والذين لجأوا إلى القصف المدفعي والصاروخي للمرة الأولى منذ اندلاع المواجهات في 7 أيار / مايو الجاري، حمل الإرسلانيون في المنطقة السلاح بجانب إخوانهم أنصار رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط وليس ضدهم. كانوا فعلوا الأمر نفسه الخميس الماضي في المواجهة مع مسلحي "حزب الله" الذين كانوا قد إنطلقوا من كيفون والقماطية وأقاموا حاجزًا بين عاليه وسوق الغرب. قتل مسلحو الحزب الشيعي في تلك الواقعة وأصيبوا وأسروا ، وجهد جنبلاط – عبثًا على ما يبدو حتى الآن- في محاولة احتواء الموقف وإقناع الحزب الإلهي بالتهدئة وعدم الإنجرار إلى منطق الثارات.

ولكن ليست هنا المسألة بل في إثبات المجتمع الدرزي في جبل لبنان مرة أخرى أنه في زمن الحروب يتوحد عسكريًا تحت القيادة الجنبلاطية ويتخلى عن رفاهية الإنقسامات السياسية التي تشتد بين مكوناته التاريخية في زمن السلم. لا تزال تتردد في الذاكرة عبارة في هذا الشأن قالها رئيس الجمهورية الأسبق كميل
شمعون مطلع الثمانينات من العقد الماضي : "أمضينا خمسين سنة نعمل على تقسيم الدروز جنبلاطيين وإرسلانيين، وجاء حزب الكتائب وصعد إلى الجبل ووحّدهم في يوم واحد" . كان حزب الكتائب الذي انقلب لاحقًا حليفًا لوليد جنبلاط يتوهم بسذاجة مطلقة تلك الأيام، على غرار "حزب الله" اليوم إن الإرسلانيين سيساعدونه للقضاء على قيادة جنبلاط لطائفته.

ساحة عاليه "عروس المصايف" في جبل لبنان، كانت في اليومين الماضيين مرآة لواقع تلك المنطقة التي ما كاد يصدق أبناؤها والناس في لبنان ودول الخليج أنها استعادت رونقها الجميل بعد إعادة إعمارها وعودة الحياة إليها كما كانت قبل الحرب وأبهى، حتى دهمتها التحديات والأخطار مجددًا، وهذه المرة من القماطية وكيفون البلدتين الشيعيتين اللذين حوّلهما "حزب الله" قاعدة قوية له والمجاورتين لعيتات وعين عنوب حيث تدور معارك تستخدم فيها الصواريخ والمدفعية . والعابر بساحة عاليه كان يلحظ على الوجوه علامات معركة آتية . تصميم الدروز على الدفاع عن أنفسهم وبلداتهم تاريخي لكن الإقبال على الحرب إي حرب يبعث على الرهبة. كان الهدوء الذي ينذر بعاصفة تامًا، وبين شارع وآخر يلمح المرء في سيارات مسرعة رجال بأسلحة وجعب عسكرية مملوءة ذخائر.

وتضم بلدتا كيفون والقماطية نحو 25 ألف نسمة وفي كيفون محطة بث رئيسية لقناة "المطار" أمنت استمرار بثها خلال حرب تموز 2006 . وواضح أن "حزب الله" يريد من خلال "عرض القوة" الصاروخية أن
يصلهما بالضاحية الجنوبية عبر " طريق الكرامة " التي تبدأ بالضاحية الجنوبية – الشويفات- عرمون- الدوحة- دير قوبل- عيتات – كيفون- القماطية، مما يحول دون أي إمكان لتطويقهما مستقبلاً وعرض أي مقايضة على الحزب في خصوصهما.

هكذا ستصير مدينة عاليه بفعل الإختلال في موازين القوى على تخوم الضاحية الجنوبية المتمددة في كل الإتجاهات، وستكون الطائفة اللبنانية الثانية بعد الطائفة السنية تلقت درسًا قاسيًا من مسلحي الحزب الشيعي الذي لا يضيره أن يضحي بحلفائه الذين تساقطوا على وقع انتصاره في كل الطوائف، فها هو إرسلان ينضم أنصاره إلى القيادة الجنبلاطية رافضين انتقال "حزب الله" بالسلاح إلى الجبل، فيما أنصار الوزير السابق وئام وهاب غادروا مسقط رأسه الجاهلية في الشوف بمعظمهم، والرئيس السابق عمر كرامي يعلن رفضه الإعتداء على طائفته السنية، والجنرال ميشال عون ينتظر أن يهديه "حزب الله" نصرا بينما يعد هذا الحزب بمزيد من المعارك وفق خطته التي تقضي بأن يسيطر في مرحلة لاحقا على إقليم الخروب في الشوف الساحلي.

إلا أن قهر الدروز بعد السنّة ليس سهلاً. صحيح أن الأمين العام للحزب الإلهي السيد حسن نصرالله وأنصاره دأبوا على الإستهزاء بأعدادهم الضئيلة مرددين أن 300 من رجال الحزب المدربين قادرون على احتلال الشوف وعاليه وسحب وليد جنبلاط من قصر أجداده في المختارة، لكن أبناء هذه الطائفة لا يعتمدون في قوتهم وتأثيرهم على العدد . هذا ما يقوله تاريخ لبنان القديم والحديث. تاريخ لم يلق عليه نصرالله والمتأثرون به أي نظرة.

ليست هناك تعليقات: