الثلاثاء، مايو 06، 2008

بعد زيارة أردوغان والاعلان عن وساطة مع تل أبيب.. هل تعيد دمشق تقديم أوراق اعتمادها إلى المجتمع الدولي؟

يتذكر المراقبون السياسيون ان الرئيس حافظ الأسد قد اكتسب المشروعية لنظامه سنة 1970 حين اعترف بالقرار الدولي 242، وبذلك فتح أمام سوريا الانفراج العربي والدولي وصولاً إلى وضع إقليمي مريح لنظامه حين توفي سنة 2000، من خلال إظهار نواياه وأفعاله بالاستعداد لإبرام اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني كادت تشهد النور بوديعة رابين لدى واشنطن التي أقر فيها بإمكان العودة إلى حدود سنة 1967، أي بمعنى آخر لم تكن سوريا دولة ممانعة وإنما كانت دولة مفاوضة، واقتصرت ممانعتها على بعض التفاصيل الميدانية المتعلقة ببحيرة طبريا، وهذه التفاصيل كانت محور اللقاء الأخير بين الأسد الأب وكلينتون في شباط/فبراير 2000 في سويسرا، الذي انتهى إلى الفشل دون أن تنتهي الاتصالات بين تل أبيب ودمشق.

مناسبة هذا الكلام الزيارة الخاطفة التي قام بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لدمشق، وتم الكشف بعدها وقبلها وعلى لسان الرئيس بشار الأسد ان انقرة تقوم بدور الوسيط مع الكيان الصهيوني، وانه يتوقع التحول من المفاوضات غير المباشرة إلى المفاوضات المباشرة بين دمشق وتل أبيب بعد انتهاء عهد جورج بوش الابن، وهذا يعني ان هناك مساحة واسعة مما هو متفق عليه، والذي يتوقع المراقبون انه تطوير لوديعة رابين لصالح الكيان الصهيوني، لكن الأمر الأكيد هو انه لا أردوغان ولا أولمرت بوارد التجاوز وتخطي واشنطن، إنما الأطراف الثلاثة تستخدم لعبة الوقت لتخفيف الضغوط عنها، حيث لدى كل واحد مشكلات معقدة تجعل من بوابة السلام نافذة لترييح وضعه.

لكن المراقبين أنفسهم يرون بأن سوريا هي الأكثر اندفاعاً نحو تحريك المسار السوري – الصهيوني بصرف النظر عن النتائج، وربما هذا الأمر من باب التكتيك السياسي السوري الجديد الذي تزامن مع القمة العربية التي قدمت فيه دمشق خطاباً هادئاً عن التضامن العربي وها هي من خلال تركيا تقدم خطاباً مسالماً إن صح التعبير، ويبدو ان السبب في ذلك يعود إلى عدة أمور:

1- ان سوريا الأسد الابن تعاني من الموقف العربي، وبالتحديد من كل من القاهرة والرياض، لأنهما ميزان الثقل، ولم يعد خافياً انهما ربطا عودة الانفتاح على دمشق بالأزمة اللبنانية وحمّلاها مسؤولية عدم انتخاب رئيس الجمهورية التوافقي العماد ميشال سليمان.

2- ان الموقف الأوروبي أصبح أكثر قناعة بسلبية الدور السوري في لبنان وفي العراق وفي فلسطين، وتالياً أكثر استعداداً لمجاراة الإدارة الأميركية في إجراءاتها ضد سوريا.

3- ان المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أصبحت قريبة جداً وان صدور قرار الاتهام بشأن المتورطين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه والجرائم الأخرى اللاحقة ستصيب النظام في سوريا من قريب أو من بعيد، وعندها سيعتري القلق النظام، ولن يكون في وضع مريح وسيكون الإعلام مركزاً على هذه القضية التي ربما أدت إلى تداعيات سلبية في الداخل السوري.

4- تحاول سوريا الأسد الابن ان تستفيد من حالة الضعف لدى حكومة تل أبيب وتحديداً رئيس الوزراء ايهود أولمرت الذي يوظف هو الآخر اندفاع دمشق نحوه لصالحه، فكلاهما الأسد وأولمرت يريدان طمأنة جمهوريهما باستبعاد الحرب ما دامت وساطات السلام قائمة، كذلك تحاول سوريا أن ترفع عنها الضغط الأميركي في هذه المرحلة لأنها وان كانت مرتاحة إلى ان واشنطن لن تعمل على إسقاط النظام، إلا ان حالة الحصار التي يعيشها قد تجعله في وضع شديد الحساسية، ولذلك يرى في الانفتاح الصريح على تل أبيب وسيلة قد تحد من مفاعيل حصاره، وهو بهذا الانفتاح أيضاً يريد أن يؤكد بأنه على استعداد للقيام بمتطلبات السلام التي تريدها تل أبيب ويريدها الغرب عامة، أي الانفكاك عن إيران وإضعاف حزب الله في لبنان.

تم نشر الكثير من بنود ما تم الاتفاق عليه مبدئياً بين دمشق وتل أبيب ومنه المنطقة السياحية الدولية التي بإمكان المستوطنين دخولها بدون تأشيرة دخول، ومنها عدم فكفكة المستوطات في الجولان ليبقى المستوطنون يهوداً في أراضٍ سورية ومنها المنطقة المنـزوعة السلاح لجهة الأراضي السورية، أي ان الاتفاقية المرتقبة مزيج من اتفاقية كمب ديفيد واتفاقية وادي عربة، انها إعادة تقديم دمشق أوراق اعتمادها إلى المجتمع الدولي.

ليست هناك تعليقات: