الثلاثاء، مايو 06، 2008

بشار وماهر قتلا عماد مغنية واتهما آصف شوكت

لهذه الاسباب تخلصت سوريا من المسؤول الاول في حزب الله

لن تعلن دمشق نتائج أي تحقيق في عملية قتل عماد مغنية في دمشق يوم 11 /2/2008.. وكان الاعتقاد ان تأجيل نتائج التحقيق الذي اعلن وزير خارجيتها وليد المعلم (وليس وزير داخليتها مثلاً العقيد بسام عبد المجيد) انها ستعلن خلال فترة قريبة جداً من قتل مسؤول حزب الله اللبناني الدولي، مرتبط بمسار العلاقات السورية – العربية وتحديداً مع المملكة العربية السعودية والكويت والاردن، فلما قال بشار الاسد في حديثه لجريدة ((الوطن)) القطرية ان دمشق لن توجه التهمة الى اية دولة عربية في هذه العملية، فإن القضية تم حصرها فقط في اطارها الاقليمي الآخر والداخلي اصلاً.

فإيران لن تتابع هذا التحقيق ولن تطلب الاستمرار فيه لأنها باتت تعرف تماماً ان نظام الاسد هو الذي قتله.. ومثلها فعل حزب الله الذي سكت عن هذه العملية بناء على تعليمات طهران التي يستحيل عليه مخالفتها. وذهبت دماء مغنية الشيعي المسلم اللبناني العربي هدراً على مذبح العلاقات السورية – الايرانية.. اما قصة اتهام اسرائيل، فإن حسن نصر الله يضحك على نفسه اذا اتهم العدو الصهيوني بهذه العملية دون ان يسأل نفسه او يجيب جمهوره على سؤال برز في اللحظة الاولى التي اعلن فيها مقتله، وهو اذا كانت اسرائيل هي التي قتلته فكيف سمحت دمشق لاسرائيل بهذا الاختراق؟ كيف تم هذا الاختراق اذا كان قد حصل؟ ولماذا لا تعلن دمشق نتائج التحقيق بعد ان مضى نحو 75 يوماً على اغتيال مسؤول امني لبناني – ايراني – دولي بهذا الحجم.

لماذا قتلت دمشق عماد مغنية؟

مصادر عربية أكدت لـ((الشراع)) ان قتل عماد مغنية قد يكون جزءاً من صفقة اسرائيلية – سورية بدأت ملامحها تظهر للعيان في الاندفاع السوري نحو التسوية مع العدو الصهيوني، وفي تقديم دمشق اشارات حسن نوايا تجاه العدو لتثبت له قدرتها على الوفاء بوعودها نحوه، وعلى أنها تملك زمام امورها على ارضها، وان حلفها مع ايران (او تبعيتها لها) لن تمنعها من التصرف وفق ما تعتقده مصلحة النظام العليا.. حتى لو كانت بالتخلص من اهم قيادي امني ايراني )لبناني – شيعي) يمسك بملفات لا حدود لها.

المصادر العربية نفسها قالت لـ((الشراع)) ان نظام الاسد بقتله مغنية ضرب عدة عصافير بحجر واحد، فإضافة الى ما تقدم، فإن عائلة الاسد المتورطة حتى النخاع في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه يوم 14/2/2005 تريد ان تقول للعالم انها قدمت ما هو مطلوب منها حين سألها البعض الحريص عليها ان تسلم عدداً من ضباطها الامنيين الذين تورطوا بشكل موضوعي في هذه الجريمة، وانها قدمت ما هو اهم من رستم غزالة او جامع جامع او آخرين كانوا في لبنان يوم اغتيال الشهيد الحريري، وان عماد مغنية اهم من هذين الضابطين وغيرهما، وبذا فهي وفرت على نفسها وطأة تسليم أي ضابط سني او علوي متورطين في هذا العمل الارهابي حرصاً على تماسك اجهزتها الامنية التي تحمي النظام منذ 40 سنة، بما يفيد اعترافها بدور ايراني مباشر في هذه الجريمة لتبعد كأس الاتهام ومرارته عن شفتي النظام ورأسه وشقيقه، او آخرين من قادة اجهزتها الامنية.

وهكذا يحمل اللبنانيون وحدهم بنظر دمشق جريمة قتل الحريري (الضباط اللبنانيون الاربعة الموقوفون في شبهة التخطيط للجريمة، وعماد مغنية هو خامسهم).

المصادر العربية قالت ان عماد مغنية تجاوز الخطوط الحمر في تحركه على الساحة السورية، فبعد ان كان المنسق الاول بين استخبارات دمشق والحرس الثوري الايراني الذي يتموضع في كثير من المواقع الامنية والعسكرية والاجتماعية في سوريا (ولبنان) فإنه بات طابوراً خامساً ايرانياً داخل المؤسسات الامنية السورية نفسها، خاصة بعد ان نجح عماد مغنية في تشييع عشرات ضباط الجيش والامن السوريين خاصة العلويين منهم، وان السلطات السورية حذرت مغنية وحذرت طهران اساساً بأن ما يفعله مغنية في سوريا امر يضر بمصالح سوريا الاساسية، لأن نظام دمشق قد يرضى من ايران شراكة او حتى تبعية في أي شأن من شؤون سوريا.. الا الجيش وتحديداً اجهزة الامن.. لكن مغنية الذي ادعى تراجعه عن هذا الاختراق استمر في عمله بدعم وتشجيع وتمويل من الحرس الثوري الايراني، وتحديداً في مكتب خاص به لا يلتفت الى تحذيرات دمشق وهو – أي هذا المكتب – يعتقد ان دمشق لا تملك ((ترف)) الحرص على امنه اكثر من طهران، ولا يملك ان يمنع ايران من التحرك كما تشاء في سوريا، ذلك ان سوريا التي عزلت نفسها عن كل الدنيا، لم تعد تملك ان تمنع ايران او تحد من تحركها مثلما تشاء داخل الاراضي السورية.

لكن نظام الاسد (الاب) والابن الذي يعتبر بجد ان سر بقائه مرتبط بصلابة وشراسة وتماسك اجهزته الامنية له حسابات اخرى امام تحرك مغنية ومكتب الحرس الثوري الايراني الخاص، فسارع الى اعتقال عشرات الضباط العلويين (امنيين وعسكريين) قبل اغتيال مغنية بفترة بسيطة وأخضعهم كالعادة لتحقيق عنيف يعرف كيف ينتزع من الذين يخضعون له الاعترافات الحقيقية او حتى تلك التي يريد اثباتها.. فجاء قتل مغنية بناء على ادلة وبراهين قدمها لايران نفسها بعد الاغتيال فسكتت عن المطالبة بالتحقيق الفعال لكشف قتلة مغنية.. رغم اصرار وزير خارجيتها (لاحظوا مرة اخرى ان المتابع لهذه المسألة الامنية البحت هو وزير خارجية) منوشهر متقي.

ماذا قالت دمشق لطهران؟

قالت دمشق لطهران: لقد سكتنا بعد ان سهلنا عملية التشييع الشاملة التي تقوم بها ايران في سوريا.. اما عن اختراق امننا فلن نسكت.

في هذا المجال كشفت دراسة اعدها ((المعهد الدولي للدراسات السورية)) في لندن زيادة في عدد الحوزات العلمية (الدينية الشيعية الايرانية)) في سوريا والى ان التشييع في سوريا اتخذ طابعاً دينياً – سياسياً مزدوجاً عبر الانشطة الايرانية التي تقوم على بناء وتمويل الحوزات تلك.

وكشفت هذه الدراسة ان التشييع بدأ في عهد حافظ الاسد، حيث احتل الفرس الذين صدر توجيه من قيادتهم (الامام الخميني يومها) بالاكثار من التواجد في سوريا للسياحة الدينية، جزاء لدمشق على انحيازها الى ايران في حربها ضد العراق، المقامات الدينية التي يقدرها السنة في العالم الاسلامي، وهي مقام السيدة زينب، عمار بن ياسر، والسيدة رقية، وحجر بن عدي.. وتأسيس مراكز تبشير شيعي فيها بدعم من ايران والمراجع الدينية العراقية.

الدراسة نفسها كشفت ان حافظ الاسد كان حريصاً على تشييع الطائفة العلوية في سوريا، لاخراجها من عزلتها الفكرية والاجتماعية.. وليس لأسباب دينية (وقد فعل الاسد الامر نفسه في لبنان، حيث طلب من الامام المغيب السيد موسى الصدر اتخاذ اجراء في لبنان لربط العلويين القلائل فيه بالشيعة، فأنشأ الامام الصدر بصفته رئيساً للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في لبنان مركزاً للقضاء الجعفري في طرابلس، ليبت في شؤون العلويين الشرعية والاجتماعية، لكن رفض شقيق حافظ الاسد يومها، رفعت الاسد هذا الامر دفع بأحد انصاره علي عيد الى اطلاق النار على مركز القضاء الجعفري في عاصمة الشمال، والزام عضو المجلس الشرعي الشيخ خليل ياسين المعين من قبل الصدر على ترك طرابلس، وإقفال هذا المركز حتى الآن. ((الشراع))

وفي مجال آخر رفض حافظ الأسد قانوناً أقره مجلس النواب اللبناني لإنشاء مجلس شرعي للعلويين في لبنان، تقدم به كمشروع النائب العلوي السابق علي عيد نفسه، على غرار مجالس السنّة والشيعة والدروز في لبنان قائلاً لرئيس مجلس النواب نبيه بري: أنتم لا ينقصكم مجالس مذهبية أو طائفية في لبنان، وكان الأسد نفسه جمد تنفيذ أحد بنود الطائف الخاص بإنشاء مجلس للشيوخ في لبنان، يرأسه درزي، للحد من انتشار المجالس المذهبية في لبنان عى حد قوله للرئيس بري أيضاً. ((الشراع)).

في المنحى نفسه تؤكد دراسة ((المعهد الدولي للدراسات السورية)) في لندن ان حافظ الأسد كان حريصاً على عدم تسييس التشيع، وتصدير أفكار ((الثورة الإسلامية)) الإيرانية إلى سوريا، ففي الوقت الذي كان يدعم فيه التحول العلوي باتجاه العودة إلى أصله الشيعي فقهياً، كان يكبح فيه عمل المؤسسات الإيرانية، ويخضعها للمراقبة والتقييد من جهة أخرى.

عندما علم حافظ الأسد من أجهزته الأمنية ان سفير إيران يومها حسن اختري يربط التشيع في سوريا بمنهج سياسي إيراني يؤدي إلى تقليد الشيعة في سوريا ثم المتشيعين بولي الفقيه، وكان يومها الإمام الخميني طلب من رئيس جمهورية إيران وقتها علي خامنئي سحب اختري من دمشق حتى لا تتأثر العلاقات الإيرانية – السورية.

ومن مفارقات القدر وبعد وفاة حافظ الأسد ووراثة ابنه بشار للسلطة في سوريا خلفاً لوالده، أن يعود اختري هذا سفيراً لإيران في دمشق، وأن يكون ولي الفقيه هو علي خامنئي نفسه، وان ينشط اختري في الأراضي السورية بما لم يكن يحلم به سابقاً في سباق مع الزمن ليس لنشر التشيع في سوريا فقط، بل لربط العلويين المتشيعين، وشيعة سوريا أيضاً بولاية الفقيه في إيران وهو موقع سياسي بالدرجة الأولى يتولى الأمن الإيراني جلب المقلدين له من خارج إيران، حيث يرفض الإيرانيون المؤمنون في الداخل تقليد خامنئي لأنه لم يصل إلى مرحلة الاجتهاد بعد، ولا يملك صفة المرجعية لنقص في دراساته الدينية، ولإنصرافه إلى العمل السياسي والأمني على حساب القراءات والاجتهادات والاستنباطات الفقهية. ((الشراع)).

قالت دمشق لطهران: لقد سكتنا عن ازدياد عدد المتشيعين في صفوف العلويين وفي صفوف السنة، وسكتنا عن ازدياد الحوزات العلمية في أرجاء مختلفة من سوريا، بل وأمرنا السلطات المختصة بإعطاء التراخيص اللازمة لها للعمل وسكتنا عن ازدياد أعداد الحسينيات وما يجري فيها من بث لمقولات تهدد النسيج الاجتماعي السوري المسلم بنسبة 80% منه، ووافقنا على تأسيس مديرية الحوزات العلمية، لتحل محل مديرية الأوقاف الإسلامية في الشأن الشيعي – العلوي. ولم تعد هذه الحوزات خاضعة لرقابة الأوقاف الإسلامية.

قالت دمشق لطهران: لقد سكتنا على التوسعة والانتشار اللذين أصابا جغرافياً المراقد الإسلامية في سوريا، بعد ان تحولت منطقة السيدة زينب إلى مدينة إيرانية – عراقية شيعية، وتحول مقام السيدة رقية قرب المسجد الأموي في دمشق إلى معقل ديني إيراني، بعد ان كان مزاراً متواضعاً للمسلمين وسكتنا على تعمد الوفود الإيرانية التي يجلبها الحرس الثوري الإيراني من المدن الإيرانية ومعظمها لأسر قتلى إيران في الحرب العراقية – الإيرانية الدخول إلى المسجد الأموي في دمشق لإقامة مجالس عزاء حسينية يقال فيها ذم وقدح وتصب فيه اللعنات على الأمويين ومعاوية تحديداً في مسجده.

وسكتنا على تجرؤ بعض الإيرانيين والمتشيعين العلويين في سوريا على طلب شطب اسم صلاح الدين الأيوبي من سجلات أبطال المسلمين، بعد خوضه معركة حطين ضد الفرنجة في فلسطين عام 1178م، لأنه أنهى الدولة الحمدانية الشيعية في حلب، وفي نظر بعض الشيعة انه اضطهد الشيعة في عهده.. بل وطالب بعض الإيرانيين باعتباره عدواً للإسلام.

أما ان نسكت عن هذا التمدد الإيراني الأمني داخل الجيش ومؤسساتنا الأمنية بحجة التشييع الذي يشرف عليه أمنياً وسياسياً عماد مغنية، فهذا أمر لا يمكن السكوت عنه، فهو هنا أي عماد مغنية تجاوز الخطوط الحمر التي رسمناها له سابقاً، فتجاوزها دون أن يرف له جفن وبات بسلوكه يهدد أمن النظام القومي، وهو أمر يعادل التعاون مع إسرائيل لأنها هي أيضاً تهدد أمننا القومي.. وكما نقاتل إسرائيل إذا مست أمن النظام، فإننا نقاتل أي إنسان تصور له نفسه إمكانية تهديد أمننا القومي.

قتل عماد مغنية في مربع الاستخبارات السورية في دمشق، ولم يكن أحد يعلم في دمشق بأمره أو بأمر لقائه الأخير إلا قلة بينها دائماً ماهر وبشار الأسد، أحمد جبريل، خالد مشعل ورمضان شلح وهم الذين قدم إلى دمشق للقائهم، وهم الوحيدون الذين كانوا يعرفون بتحركاته في العاصمة السورية وموعد مجيئه إليها، وكان انقطع عنها منذ مدة، وعندما جاء إليها مجدداً كان العارفون بهذا المجيء قلة قليلة جداً.

إيران مطمئنة

والسبب إسرائيل

إيران لن تختلف مع سوريا من أجل عماد مغنية، لن تجمّد علاقاتها معها، ولو قتلت 20 عماد مغنية آخر، سواء كان حسن نصرالله من بينهم او وفيق صفا او خمسون مثليهما في أجهزة الحزب الامنية حتى لو كانت كل هذه الاسماء وغيرها هي صنيعة الحرس الثوري الايراني، وهم أدوات النظام الفارسي في لبنان لحكمه والسيطرة عليه.

إيران تراهن على الأحياء وليس على الأموات، فعماد مغنية قتل ولن يعود، ولن يعيش عماد مغنية إذا قطعت إيران علاقاتها مع سوريا، حتى لو تأكدت طهران بتواطؤ او حتى بقتل بشار الاسد او ماهر الاسد لعماد مغنية، واستعدادهما لقتل كل ادوات ايران في لبنان اذا ما تجاوز احدهم ولو كان حسن نصرالله الخطوط الحمر التي تمس سمعة وهيبة وأمن واستقرار نظام عائلة الأسد.

ألم تلـزم دمشق حسن نصرالله ان يلحس كلامه الذي اعلن فيه الحرب المفتوحة على اسرائيل، لأنها أي دمشق كانت فتحت بازار الصفقة مع اسرائيل لعقد تسوية معها، فكيف تتحدث هي عن السلام مع اسرائيل ويجيء حسن نصرالله يعلن حرباً على اسرائيل، وهي تلقن حسن نصرالله درساً بأن القرار في دمشق وليس في حارة حريك.

ألم تطمئن دمشق اسرائيل بأنها ألـزمت حسن نصرالله ان يتراجع عن تهديده بالحرب المفتوحة، بما بدا انه اعتذار منه، حتى لو حسبت اسرائيل حساب ((انتقام)) الحزب الإلهي في ذكرى 40 عماد مغنية؟.

ثم كيف ينتقم حسن نصرالله من اسرائيل متهماً اياها بأنها قتلت عماد مغنية، وهو يعلم ان دمشق هي التي قتلته، وان دمشق كانت مستعدة لإعلان ان السيارة التي قتلت مغنية جرى تفخيخها في الضاحية الجنوبية لبيروت، في محاولة منها لنقل المعركة الى داخل حزب الله نفسه، أي لتفجيره من الداخل؟

لذا،

سكتت ايران ويسكت بعدها حزب الله او هي ألـزمته بالسكوت عن الأمرين.

فلا انتقام من قتلة عماد مغنية، لأن حزب الله لن يخنق نفسه بيديه، فإن عجزت اسرائيل فإن دمشق تعرف كيف تخنقه.

ولا مطالبة بدم عماد مغنية حتى لا يسال دم حسن نصرالله او أي من قياداته، والذي يقتل مغنية يسهل عليه قتل أي كان من هذا الحزب المخترق.

ولا تراجع ايرانياً عن دعم عائلة الأسد في حكمها لدمشق ولا تغيير في الموقف الايراني سياسياً من دمشق حتى لو ذهبت هذه لعقد صفقة مع اسرائيل.

إذن ماذا تفعل ايران؟

تواصل تغلغلها في المجتمع السوري بالتشييع وسط العلويين اولاً وصولاً الى بعض السنّة.

والملاحظة الاولى التي لمسها مراقبون جديون يتابعون مسألة التشييع الايراني في سوريا هي ان وتيرة التشييع او على الأقل استحضار المزيد من رجال الدين الايرانيين الى سوريا والتقدم بطلبات للحصول على تراخيص لجمعيات شيعية تحت الاسم الاسلامي، وافتتاح مدارس وحوزات ((علمية)) في دمشق وبعض المدن السورية ازداد مباشرة بعد اغتيال عماد مغنية.

لكأن طهران تريد ان تقبض الثمن على طريقتها، بعد ان تيقّنت بأن دمشق قتلت عماد مغنية لأنه تجاوز الخطوط الحمر أي الأمن السوري، وطهران التـزمت حدودها هذه المرة (والآن) بألا تمد يديها الى الأمن او الجيش السوري وان تكتفي بالمجتمع المدني بدءاً بالطائفة العلوية وصولاً الى السنة في مسألة التشييع.

فإيران تعمل على المدى البعيد، وهي تراقب ربيـبها نظام الأسد الإبن، وتعلم انه لن يذهب بعيداً في صفقته المستحيلة مع اسرائيل، وهو لن يستطيع ان يعوض التغييب الايراني الشيعي عن هذه الصفقة، بإحضار التركي السني الى الحضن السوري، او بالأحرى لن يستبدل بشار الأسد حضن السنة العربي بالحضن الشيعي الفارسي، لأن ايران تمسك بخناقه داخل البيت العلوي نفسه.

طهران تؤكد ان نظام الأسد عاجز عن التسوية مع اسرائيل، حتى لو قتل ليس عماد مغنية فقط بل خالد مشعل ورمضان شلح، وتخلص او خنق حزب الله في لبنان، لأن اسرائيل عاجزة عن هذه التسوية، وهي في الوقت نفسه غير مستعدة لاعطاء الجولان مجاناً لنظام الاسد الضعيف والمعزول والمكروه شعبياً وعربياً ودولياً..

اما مراهنة بشار الاسد على مجيء ادارة اميركية جديدة كي يركع تحت رعايتها لمفاوضات تسوية مع اسرائيل، فهي مهزلة حقيقية اذا لم يقرأ بشار ما أعلنته المرشحة الديموقراطية للرئاسة الاميركية هيلاري كلينتون من ان اميركا ستمحو ايران عن الخارطة اذا هاجمت اسرائيل، وهي رسالة اميركية جديدة واضافية لبشار الاسد نفسه بأن أمن اسرائيل بالنسبة لأميركا هو فوق كل اعتبار، وان الأفضل لبشار ان يعطي اسرائيل ما تريد دون ابتـزاز او تهديد لا بقوة حزب الله ولا حتى بقوة ايران.. أما قوة نظام الاسد فالأميركان أخبر به.

واسرائيل نفسها تعلن في استراتيجية التسوية مع سوريا أن لا تنازل عن الجولان حتى لا تصبح ايران على حدودها من جديد عبر بوابة الجولان هذه المرة. وأية تسوية سورية - اسرائيلية لن تشهد عودة حقيقية للجولان.. بل عودة جزئية، ليصبح الجولان منـزوع السلاح بالكامل حتى حدود دمشق، كما ان اسرائيل تشترط سحب الجيش السوري الى شمالي مدينة دمشق وان يكتفي النظام فيها بما يسمح له بقمع الثورات والانتفاضات الداخلية ضده.. فضلاً عن قطع روابطه مع ايران ووقف دعم حزب الله وحركتي حماس والجهاد الاسلامي أي ان اسرائيل تطلب من بشار الاسد ان يطلق النار على رجليه ثم تدعوه للمشاركة في السباق معها.

طهران تقول ان اسرائيل مقبلة على انتخابات جديدة لاعضاء الكنيست فيها، وان اللغة المتشددة ستسود اكثر من الآن وصاعداً، وان رئيس وزرائها يطمح الى زيادة عدد اعضاء حزبه (كاديما) حتى لا تذهب الاغلبية اليمينية الى خصمه اللدود بنيامين نتنياهو، لذا فهو سيتشدد ولن يتنازل، ولن يعطي شيئاً لبشار الاسد يقويه في سوريا، بينما يضعف اولمرت في اسرائيل.. فلا تسوية اذن، وسيعود او سيظل بشار في حضن طهران، فالحقائق العملية التي تتراكم داخل سوريا لمصلحة ايران ستلزم بشار ان يظل في حضن طهران، ولا خوف بعدها على حزب الله او حماس او الجهاد، حتى لو قتل أي من قادتهم نتيجة حسابات خاطئة.. لن تؤثر على مستقبل العلاقات السورية – الايرانية.

***

بشرى الأسد في أبو ظبي بعد مشادة عنيفة مع أخويها

انتقلت بشرى الأسد شوكت مع عائلتها من باريس حيث أقامت عدة أشهر بحجة علاج أولادها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي إمارة أبو ظبي تحديداً ضيفة على حكومتها وتحت حراسة أجهزتها الأمنية المشددة، دون إعلان ودون إمكانية إجراء أي حديث إعلامي.. حتى الآن.

دولة خليجية عربية أخرى عرضت استضافة بشرى شوكت، لكن ابنة الأسد اعتذرت بلباقة، لأنها تعرف علاقة هذه الدولة مع نظام أسرتها وهي لا تريد أن تكون عرضة للمساومة في يوم من الأيام.

وكانت بشرى تعرضت لإهانة عائلية من أخويها ماهر وبشار الأسد، دفعتها لأن تقرر ترك سوريا إلى أن تحين ظروف عودتها معززة مكرمة، علماً بأن ابنة حافظ الأسد الوحيدة لم تجد أي تأييد أو مساندة أو حتى دفاع عنها من والدتها أنيسة مخلوف التي انحازت إلى نجليها الذكرين.

وسبب الخلاف الذي انفجر مؤخراً هو تنازع السلطة بين ماهر الأسد وآصف شوكت، كان بشار فيه منحازاً بالكامل إلى جانب شقيقه مثلما طلبت الوالدة أنيسة مخلوف.

والذي فجر الخلاف بين الشقيقين والصهر هما أمران أساسيان:

الأمر الأول: هو ان ماهر وبشار يتهمان صهرهما آصف بأنه ما زال على علاقة جيدة بالاستخبارات الأميركية والفرنسية والألمانية، وهي العلاقة التي تعززت بتكليف من آل الأسد نفسها، وظهرت أهم تجلياتها بعد تفجيرات 11/9/2001 في نيويورك، حيث سلمت الاستخبارات العسكرية السورية للاستخبارات المركزية الأميركية ملفات كاملة عن جماعات إسلامية سنية متشددة كانت استخبارات دمشق تتابعها منذ وقت طويل، كما ان هذه الاستخبارات السورية عمدت إلى كشف الكثير من العملاء الذين تعاونوا سابقاً معها في أوروبا وأميركا وبعض البلاد العربية، وأدت معلومات سلمتها استخبارات سوريا إلى الأميركان إلى إنقاذ حياة أميركيين كانت جماعة سلفية متطرفة خططت لقتلهم أو لخطفهم من البحرين واللجوء بهم سراً إلى طهران حيث حلفاء إيران من القاعدة يجدون فيها ما يحميهم حين تدعو الحاجة.

عائلة الأسد (الأم والشقيقان الباقيان) تعتقد ان صهرها آصف شوكت يعزز علاقاته مع الاستخبارات والدوائر السياسية والأمنية الغربية ويقدم لها الخدمات اللازمة على أمل أن تعتمده هذه الدوائر والاستخبارات بديلاً مقبولاً من أسرة الأسد، فهو ضابط بعثي أمني له نفوذ واسع في الأجهزة الأمنية، ويجد تأييداً على الأقل من زوجه ابنة حافظ الأسد التي كان والدها شديد الضعف تجاهها، وهو أي آصف شوكت ضابط سني لن يرضى بالخضوع السوري العائلي لإيران الساعية لنشر التشيع داخل سوريا، بما يؤدي إلى تفسيخ النسيج الاجتماعي والوطني والديني بما يهدد بفتنة داخلية وبما يقلق الدول العربية التي كانت ترى في دمشق قلب العروبة النابض.

الأمر الثاني: ان عائلة الأسد (أي الأم والشقيقان الباقيان) أرادت أن تنتقم من آصف شوكت بسبب اعتراضاته على ممارسات النظام الخانعة تجاه طهران، برميه بتهمة العمالة للاستخبارات الغربية، بسبب ما تعتقده طموحاً لديه للاستيلاء على السلطة في سوريا، لذا فقد رتبت اتهامه بتسهيل اغتيال عماد مغنية في دمشق يوم 11/2/2008، وأرادت إقناع السيدة بشرى بأن بعلها يعمل ضد مصلحة الأسرة والنظام، ولقد جاء ماهر الأسد إلى الضاحية الجنوبية في بيروت للقاء أمين عام حزب الله حسن نصرالله لإقناعه أيضاً بأن آصف هو الذي سهل للاستخبارات السورية قتل قائده الأول، في محاولة لإبعاد التهمة بقتل مغنية عنه وعن شقيقه بشار.

لم تقتنع بشرى بهذه الاتهامات واشتبكت كلامياً مع شقيقيها بمشادة حادة، انتهت بتوجيه صفعة على وجهها من أحدهما، مما دفعها للهجرة المؤقتة إلى باريس بحجة علاج نجليها ومنها انتقلت إلى أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة.

ليست هناك تعليقات: