الثلاثاء، مايو 06، 2008

طهران – دمشق من يبيع حزب الله؟ ولمن؟ اميركا ام اسرائيل؟

انتظر حزب الله وأسياده في طهران، ان يعلن نظام بشار الاسد نتائج التحقيقات التي مضى عليها حتى الآن 75 يوماً في عملية قتل مسؤوله العسكري عماد مغنية في مربع الاستخبارات السورية في دمشق، فإذا ببشار الاسد يبشر الحزب وأسياده في طهران بأن نظامه قطع خطوات مهمة جداً على طريق السلام مع العدو الصهيوني، لكأن بشار يبرىء سلفاً اسرائيل من قتل عماد مغنية، ولا يبقى امام حزب الله وأسياده في طهران الا الوثوق بما قاله آصف شوكت، بأن السيارة التي قتلت مغنية جرى تفخيخها في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث دولة حزب الله الاساسية.. أي ان مغنية حسب شوكت قضى نتيجة صراع داخلي عنيف بين قادة الحزب!؟

اما اعلان وزير خارجية ايران منوشهر متقي، بأن بلاده على اطلاع كامل على تحقيقات استخبارات دمشق في عملية قتل مغنية، فهو تنازل جديد تقدمه طهران شكلياً لدمشق مقابل ان يبقى نظام الاسد مطيعاً لكل ما تريده ايران في مشروعها التوسعي العنصري ضد العرب والمسلمين.. لأن طهران تعرف ان دمشق تكذب عليها في مسار هذه التحقيقات او على الاقل لا تطلعها على الحقيقة التي تعرفها كل من طهران ودمشق معاً اذ ان هناك خلافاً اكيداً في دوائر السلطة الامنية الحاكمة في دمشق حول الكيفية التي قتل فيها عماد مغنية.. هل هي عناصر منافسة له في حزب الله؟ ام هي جهات سورية بتكليف من قيادتها خدمة لاسرائيل؟ الا ان كل دوائر السلطة الامنية الحاكمة في دمشق تدرك ان المستفيد الاول من اغتيال مغنية هي اسرائيل سواء ساعدتها جهات سورية امنية او عناصر مخترقة في حزب الله.. ومع هذا فإن النظام السوري كله يتوجه بعد مرور 75 يوماً على قتل مغنية الى قاتله كي يعقد معه سلاماً.. لكأن تبرئة اسرائيل من القتل بعد تسهيل عملية القتل لها هو الثمن الذي تدفعه دمشق للعدو الصهيوني كي يرضى بالسلام مع نظام بشار الاسد.

الاهم هنا،

.. ان هذه ((التبرئة)) تفتح الباب واسعاً امام تداعيات السلام مع اسرائيل، بل هي مقدماته السورية وأهمها تخليص اسرائيل من قوة حزب الله وسلاحه، ورأس عماد مغنية وهو الاعلى في حزب الله نموذج قدمه نظام بشار الاسد الى اسرائيل ليؤكد لها بأن السلام معه يضمن مجموعة جوائز لاسرائيل فبعد عماد مغنية هناك خالد مشعل وهناك حسن نصر الله وهناك رمضان شلّح.. كنماذج او جوائز فضلى لاسرائيل.

وهذه الرشوة السورية لاسرائيل كبيرة بما يسمح لاسرائيل ان تبيعها هي نفسها لاميركا التي ما زالت تعارض السلام بين اسرائيل ونظام بشار الاسد.. دون ان ننسى التذكير بأن رئيس وزراء العدو ايهود اولمرت قال لماهر الاسد عبر مبعوثه آلون لئيل (بأن اسرائيل اوقفت عدة عمليات كان الاحتلال الاميركي للعراق سينفذها ضد مواقع سيادية سورية (قصر المهاجرين في دمشق، قصر الرئاسة في اللاذقية، رئاسة الاركان السورية، مقر الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الاسد..) أي ان اسرائيل تربّح سوريا الجميل بأنها هي التي تحمي نظامها، وتربّح واشنطن الجميل بأنها هي التي خلصتها من ارهاب عماد مغنية.

رغم ان هذه المسائل باتت واضحة لطهران، فإنها ما زالت تراهن على قدرتها على الامساك بالاوضاع في دمشق من خلال جماعاتها المتغلغلة في الامن السوري، ومن خلال جماعة الحرس الثوري الذين ينتشرون في اماكن ومواقع استراتيجية في دمشق وحولها امتداداً الى الجبهة المواجهة للجولان، ثم من خلال المليارات التي وضعتها في مصرف سوريا المركزي وتلك المليارات التي تستثمرها في مشاريع استراتيجية سورية.

ومع هذا،

فطهران تخشى ان تتسارع الاحداث لتبيع دمشق سلاح حزب الله لاسرائيل، مقابل السلام الذي قد يعني اعادة النظام السوري الى لبنان، بينما تريد طهران ابقاء حزب الله على سلاحه لتتولى هي بيع هذا السلاح لاميركا مقابل الابقاء على ملفها النووي! دون ان ننسى ان ايران ايضاً كانت مستفيدة من طرد نظام الوصاية السورية الكريهة من لبنان، بما يجعل طهران في دائرة الشك الكبير دائماً حول دورها في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. ومباشرة او عبر ادوات سورية – ايرانية مشتركة.

هنا تبدأ المقايضة الاميركية – الايرانية المنطلقة من خوف اميركي ايراني من تفرد اسرائيلي – سوري بلبنان وبحزب الله، فواشنطن لا توافق اسرائيل على اعادتها لدمشق للسيطرة على لبنان بحجة الامساك بحزب الله، وطهران ايضاً لا توافق دمشق على العودة الى لبنان لأنها تعرف ان هذه العودة هي قرار اسرائيلي ثمنه امساك دمشق بحزب الله.. على غرار امساكها بعماد مغنية (وخالد مشعل ورمضان شلح).

اما حكاية الملف النووي الايراني فإن توازن الرعب الذي يمنع استخدام القوة النووية سواء من اسرائيل الآن او من ايران بعد عدة سنوات، يجعل اسرائيل واثقة من ان امتلاك ايران للقنبلة النووية لن يخيفها حيث لا يمكن لطهران استخدامها ضد اسرائيل دون ان يؤثر اشعاعها على الشيعة اولاً في جنوبي لبنان وعلى حلفائها في دمشق فضلاً عن فلسطين (والاردن).. لذا فإن المشروع النووي الايراني هو مظهر قوة كبيرة لحكام طهران لتجسيد مشروعهم السياسي التوسعي العنصري ضد العرب، لتتمكن من حكمهم سواء مباشرة كما يجري الآن في العراق وطموح مماثل في لبنان، او عبر فرق الحرس الثوري التي زرعتها طهران في العراق (منظمة بدر، حزب الدعوة جناح المالكي في العراق، وحزب الله في لبنان) فإذا تعذر حكم الفرس للعرب فلتعمل ايران عبر جماعاتها في العراق ولبنان وفلسطين على الفتن المذهبية والعسكرية التي تجعل اسرائيل في مأمن لعدة عقود اخرى.

انه نزاع بين دمشق وطهران حول من يبيع سلاح حزب الله اولاً.. ولمن؟ لاميركا كما تريد ايران، ام لاسرائيل كما تريد سوريا، ويبقى الامر مرهوناً بإمكانية اتفاق دمشق وطهران على مكاسب البيع، كما يبقى مرهوناً بالتوقيت المناسب سياسياً في اسرائيل.. قبل انتخابات الكنيست 2010 ام بعد انتخابات اميركا الرئاسية آخر 2008.

البيع حاصل.. يبقى ان يعرف الجميع ما هو سعر الصفقة.

ليست هناك تعليقات: