الأربعاء، مايو 07، 2008

شبكة "حزب الله" الهاتفية متّصلة بشبكة الجيش السوري لتسهيل عمليات الاغتيال

 الحكومة اللبنانية تهاجم شبكة اتصالات حزب الله

تسهّل عمليات الاغتيال وتحرّك المجموعات الإرهابية من دون أي قلق من انكشاف الجهات المتورطة

منذ أكثر من شهر، حاول المسؤولون اللبنانيون تطويق شبكة الإتصالات الهاتفية التي مدّها "حزب الله" ويمدّها على امتداد الجغرافيا اللبنانية، بتمويل مباشر من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولكن هذا الحزب رفض التجاوب مع المساعي الرسمية، محذرا الشخصيات التي تمّ تكليفها بمراجعته من مغبّة إعادة طرح هذه المسألة "لأننا سنعتبر كل من يمسّ بهذه الشبكة كمن يمسّ بسلاح المقاومة وبالتالي سنعامله كما نتعامل مع العدو الصهيوني".
في ضوء هذا الجواب الذي قدّمه نواف الموسوي ووفيق صفا الى اللواء أشرف ريفي والعميد جورج خوري، ازداد صلف الميليشيا التي تتدثر باسم الحزب ("حزب الله" غير موجود في مجموعة الجمعيات المرخص لها في لبنان)، فسرّع وتيرة أعماله بحيث انتهى الى وصل شبكته الهاتفية الخاصة الموازية لشبكة الدولة والمنفصلة عنها تماما، بشبكة الإتصالات الخاصة بالجيش السوري كما بشبكة الخلوي السورية التي عادت الى توسعها داخل الأراضي اللبنانية.
هذا يعني، ان النظام السوري يحتل لبنان بواسطة "حزب الله" هاتفيا، الأمر الذي يسمح له ولمخابراته بالتحرك داخل لبنان من دون العبور برقابة الدولة اللبنانية السابقة أو اللاحقة.
وهذا موضوع خطر للغاية، يستحيل على أي لبناني أن يتجاوزه بالرضوخ للعبة "حزب الله" الدائمة، اي المسارعة الى الإستعانة بالعدو الإسرائيلي.
فبغض النظر عن أن حروب "حزب الله" اصبحت منذ أيار 2000 حروب مقاولات، اي حروبا بأجساد اللبنانيين وممتلكاتهم ورفاهيتهم لمصلحة غير اللبنانيين، وبعيدا من التنظير الدستوري الذي يضع "حزب الله" تحت طائلة المساءلة القانونية والدستورية وحلّه رسميا لإقدامه على تجاوز اختصاص حصري للدولة، فإن تمديده لهذه الشبكة ووصلها بالشبكة السورية يجعله مسؤولا عن انكشاف اللبنانيين لدى المخابرات السورية.
وسام عيد وشبكة "حزب الله" الهاتفية
ولعلّ من الأسباب الموجبة الرئيسية لمد هذ الشبكة ووصلها بشبكة الجيش السوري، هو ما تمكّن التحقيق اللبناني، وبواسطة الرائد الشهيد وسام عيد، من التوصل اليه في كثير من جرائم الإغتيال التي حصلت في لبنان، بحيث تقفى آثار شبكات الإغتيال بالإستناد الى التواصل الهاتفي في ما بين أفرادها، ومن بينها واحدة يبدو أنها كانت مرتبطة بـ"حزب الله"، فتمّ إخفاؤها في مكان لا تطاله يد العدالة اللبنانية وممنوع على لجنة التحقيق الدولية أن تصل إليه، بسهولة.
وإذا ما جرى تقفي "ورشة" إنشاء شبكة "حزب الله" الهاتفية الخاصة، فإن المراقبين سيكتشفون أن وتيرة العمل تمّ تسريعها بُعيد اغتيال الرائد عيد في منطقة الشفروليه، وهذا يسمح باستنتاج مفاده أن عمليتين جرتا في الوقت نفسه وبالموضوع نفسه، الأولى تتصل بمحاولة محو سجلات الماضي من خلال التخلص من عيد بجريمة اغتيال نوعية، والثانية البدء بإيجاد أرضية تحرك محميّة من تقفّي التحقيق، بحيث تتوفر الظروف التي تسمح لأفراد الشبكات القاتلة بالمراقبة والتنفيذ بطمأنينة تحميهم وتحمي الجهة التي أمرتهم بالإغتيال أو بالتخريب (شبكات "فتح الإسلام" أمكن التوصل اليها بواسطة المتابعة الهاتفية).
وهذا يعني أن لبنان بات مكشوفا أكثر من أي وقت مضى، وما توقف عمليات الإغتيال بعد استهداف الرائد عيد، إلا مسألة مرحلية تنتهي فور انتهاء "حزب الله" من توفير شبكة اتصالات آمنة لشبكات إغتيال جديدة تمّ تكوينها.
وليس من قبيل الصدفة مطلقا أن المخابرات السورية بالتعاون مع صحف النظام الرسمية وبالإشتراك مع "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، ومع اكتمال الشبكة الهاتفية الخاصة الممتدة الى عقر كسروان وجبيل، قد رفعت من وتيرة الإستهداف المعنوي لمجموعة غير قليلة من الشخصيات اللبنانية بطريقة يمكن اعتبارها، قياسا لحالات شهداء "ثورة الأرز"، بمثابة التمهيد لاغتيالها.
من هنا بالذات، ثمة مسؤوليات كبرى لا بد من تحمّلها مهما كان ثمنها مرتفعا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً، المسارعة الى فصل شبكة "حزب الله" عن الشبكة السورية بشقيها الأرضي والخلوي، حتى لو اقتضى ذلك رفع شكوى موثّقة الى مجلس الأمن الدولي والى الإتحاد الدولي للإتصالات، لما لهذا التمدّد الهاتفي السوري من تعدّ على السيادة اللبنانية من جهة أولى وعلى القوانين الدولية المرعية الإجراء، من جهة ثانية.
ثانياً، وضع لجنة التحقيق الدولية بصورة إنعكاس هذه العملية الهاتفية على الواقع الأمني لمجموعة من الشخصيات التي يمكن استهدافها.
ثالثا، السماح للهيئات الأهلية بتقطيع خطوط شبكة "حزب الله" في مناطقها، حماية لنفسها من جهة أولى وحماية للشخصيات التي تقطنها أو تمر بها، من جهة ثانية.
رابعا، ضرورة ربط هذه الشبكة بواحدة من سنترالات الدولة ووضعها تحت رقابة أحد أجهزة المخابرات اللبنانية.
خامسا، تخيير "حزب الله" بين المسارعة الى تخليص البلاد من شبكته الممنوعة وبين اتخاذ قرار يعتبره حزبا محظوراً.
وفي هذا السياق، لا أهمية مطلقا لاتهامات "حزب الله" التي يسوّقها على لسان مسؤوليه أو على لسان الأعداء (من خلال موقع إلكتروني سخيف يسميه فيلكا إسرائيل) أو على لسان أوروبيين (موقع فولتير وبعض الكتبة من أمثال جورج مالبرونو) أو على لسان أميركيي ميشال سماحة ورجا صيداوي، على اعتبار أن الأولوية تبقى لحماية اللبنانيين من خطة محكمة يدبرها "حزب الله" والمخابرات السورية ويباركها ميشال عون، وتستهدف الجميع من دون استثناء.

ليست هناك تعليقات: