الأحد، أبريل 20، 2008

قطر السعيدة وسوريا البائسة

ألقت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبني ليفني في كلمة أمام (منتدى الدوحة الثامن) في قطر في 14/4/2008، قالت فيها:
على العرب الاقتداء بقطر. وأضافت: كلنا أمل أن تحذو دول عربية اخرى حذو قطر في تعزيز التعايش والتفاهم والسلام في المنطقة كلها.
قطر الإمارة الخليجية السعيدة، بالنفط والغاز وصناعاتهما، وبأميرها ورئيس وزرائها، والقاعدة الأميركية الأولى في الشرق الأوسط، وبـ36 ألف جندي أميركي، ومطار عسكري هائل، وقواعد باتريوت صاروخية استراتيجية، وبأكبر قدر من الدعم اللوجستي.
قطر السعيدة نموذجاً، قدوة في التعايش والتفاهم والسلام في المنطقة كلها كما قالت السيدة ليفني.
قطر السعيدة بإعلامها الأوسع جماهيرياً والأرقى فنياً وتنوعاً، بفضائيتها الجزيرة، بفروعها الخمسة، السياسية، الثقافية الوثائقية، الرياضية، الأطفال، اللغة الانكليزية، السعيدة بصمودها عنواناً لدول الممانعة العربية المتصدية وبقسوة للمشروع الأميركي الإسرائيلي في المنطقة، وبتجهم مذيعيها، وجدية مذيعاتها وبكل الشرر والإتكاء الرصين والأصابع المهددة، وبسيوف من خشبٍ تمزقُ الهواء وتملأ قلوب العرب والإسلام بحكم الأرض والسماء.
قطر السعيدة بكل ذلك مما نعرفه، وبالكثير الكثير مما لا نعرفه ويعرفه الراسخون في العلم الأمني وعلوم العلاقات الدولية وأسرارها الإسرائيلية.
قطر السعيدة العظيمة هذه مميزة متميزة لا تشبه أي مملكة أو دولة أو إمارة أو جمهورية أو جملكية عربية أو مما جاور أرض العرب.
قطر السعيدة العظيمة هذه، تشبه نظاماً عربياً واحداً فقط هو النظام السوري التعيس، وليس في كل شيء، وإنما في بعض الشيء الجوهري، الممانعة مثلاً، الممانعة الغليظة حيث يطفر الزبد مقرفاً على الشفاه.
في التشابه بين قطر السعيدة
وسوريا البائسة:
الغزل مع الكابتن الإسرائيلي، التطمينات المتبادلة، الرسائل السرية بين أولمرت والأسد والتي فضحها أولمرت في 17/4/2008، التعايش الآمن والسلام مع الدولة العبرية، الممانعة بالآخرين، لبنان مثلاً، أما نحن فلدينا فلنا وبفخرٍ المممانعة اللفظية الشعاراتية الضاربة في نخاع العمق العربي الإسلامي الشعبوي، المتواصل مع التطرف لدرجة التماهي والعشق، شكلاً في الأكثر، وفعلاً ومضموناً في الأقل، ضرباً وحرباً واتصالاً بجدنا عمرو بن كلثوم.
إذا بلغ الفطام لنا صبيٌ
توخرُ لهُ الجبابرُ ساجدينا
أما الحصاد فهزائم وعنتريات ما قتلت ذبابة، رحمك الله يا نزار قباني.
ولئن كان النظام السوري النصف الأيسر من قلب العروبة النابض، فقطر الإمارة السعيدة النصف الأيمن منه، وكما هو معروف في الطب، القلب الأيمن دافعٌ للدم المثقل في الأوكسجين والغذاء والطاقة، القلب الأيسرُ ماصٌ للدم الوريدي المثقل بثاني أوكسيد الكربون وفضلات الإستقلاب. وبدهي جداً أن لا حياة لقلب العروبة النابض إلا باجتماع نصفيه وفي هكذا حال يبدو هكذا قلب أعجوبة الدنيا الثامنة في تاريخ البشرية كلها، كاسراً قاعدة التاريخ الأبدية. دوام الحال من المحال.
في الإختلاف بين قطر السعيدة
وسوريا البائسة:
شعب قطر سعيد بأميره وثروته وتنوعه. دخل القطري يزيد عن دخل الفرد الإسرائيلي خمس مرات. شعب سوريا تعيس بقائده النصف ملك والنصف رئيس. دخل الفرد السوري يقل عشر مرات عن دخل الفرد الإسرائيلي. الفقراء في سوريا 70% وفق إحصائيات الدولة السورية الرشيدة العتيدة.
قطر دولة وشعباً مفتوحة على كل العالم، بعربه وعبرانييه وبتركمانه وفارسييه وأميركانه وأوروبييه واللاتين أيضاً ونكاد نقول مفتوحة على كل العالم بلا استثناء.
سوريا دولة وشعباً في عزلة شبه مطلقة مع كل العالم، واستثناء شاذاً في اتصال مع القلة من دول الشر والإرهاب، دول الاستبداد والفساد وسوء الإدارة والإعدام المتعمد لكل حقوق الانسان.
قطرُ لا تقطع مع إيران، وتجسر مع السعودية، وأميركا عنها راضية مرضية.
النظام السوري لا يحرك ساكناً إلا بأمر الأسد الفارسي. ويتقن فن العداء للعرب المعتدلين. ويجيد وببراعة تدمير التضامن العربي، وردم وقبر العمق العربي والإسلامي فضلاً عن إعدام أزهار الحرية وورودها في دمشق وبيروت وبغداد ورام الله. بعد كل ذاك التشابه وكل ذاك الإختلاف يبدو القلب العربي النابض بشقيه السوري والقطري معجزة خارقة غطت زمناً رديئاً لا يفهمه أحد.
فليهنأ الأسد وأولمرت برسائلهما السرية المتبادلة، ولتهنأ ليفني بقدوة العرب. ولنا نحن السوريون التعساء جعارُ أبطال الاستبداد وأملهم في البقاء يحميه الجار الإسرائيلي الحنون.

ليست هناك تعليقات: