الأحد، أبريل 20، 2008

مؤامرة الصمت.. حلف مصالح نادر بين نظام بشار واسرائيل

شهران كاملان، ولعلهما ليسا كاملين تماما، مرا منذ اغتال مجهولون عماد مغنية، قائد جهاز الجهاد في حزب الله، علي الارض السورية. الجميع يتوقعون ردا سورياً، أو علي الاقل الاعلان عن نتائج التحقيق. ولكن دمشق تملأ فمها بالماء.

الصمت السوري ليس مفهوما من تلقاء نفسه. كان يمكن أن نتوقع من دولة انتهكت سيادتها بفظاظة أن ترد بطريقة ما. والامور صحيحة بالنسبة لكل دولة، ولا سيما بالنسبة للنظام السوري الفخور، الذي تلقي قبل خمسة أشهر من ذلك ضربة اخري، أصداؤها لم تهدأ بعد: ذاك الهجوم الغريب لطائرات سلاح الجو في 6 ايلول (سبتمبر).

في الحالتين فضل السوريون البقاء في الظل، حصر رد فعلهم وتوجيه اتهامات واهنة ضد اسرائيل. والسبب هو الشرك الذي يوجد فيه بشار الاسد. اذا ما اتهم احدا ما فسيتعين عليه أن يرد. واذا ما رد، فمن شأنه أن يتورط بضربة اخري، ولا سيما عندما يدور الحديث عن اسرائيل. للاسد، خلافا لنصرالله، يوجد ما يمكن خسارته في مثل هذه المواجهة. وهو لا يقف علي رأس ميليشيات من الزعران بل علي رأس دولة مرتبة، مكشوفة وقابلة للاصابة. رد فعل متسلسل من اسرائيل سيهز استقراره أكثر فأكثر.

من اللحظة الاولي فهمت سورية الورطة التي علقت فيها. ولهذا فقد ضجت في صمتها. وما قاله عضو مجلس الشوري من حزب الله في صحيفة الحقيقة ونشر هذا الاسبوع في الصحافة الاسرائيلية ايضا يكشف كم هو عميق هذا الحرج. فقد روي المسؤول الكبير بأنه بعد أن تبين للاسد بان نصرالله ورجاله نجحوا في تهريب جثمان مغنية من تحت أنف الاستخبارات السورية، منذ ليل الاغتيال، طلب الاسد من نصرالله الصمت. فعارض الاخير وكان أول من بشر العالم بسقوط صديقه. ذات القواعد من قضية مغنية تنطبق علي الهجوم علي المنشأة السرية في ايلول (سبتمبر). فالاسد يعرف جيدا ما الذي هوجم ومن الذي يقف خلف العملية، ولكنه لا يمكنه وهو غير معني بمواجهة جبهوية مع اسرائيل. الحقيقة هي أنه لا يحتاج ذلك حقا. حماس، التي يمنحها الرعاية، تعاقب اسرائيل كل يوم.

اسرائيل عرفت كيف تسكت في الحالتين، رغم ان الامريكيين ثرثروا، لاسبابهم، بعد الهجوم في ايلول. وحسب منشورات من الاسبوع الماضي عرفت اسرائيل كيف تمارس الضغوط علي واشنطن كي لا تكشف في بحث في الكونغرس عن تفاصيل تلك الليلة. للامريكيين مصلحتهم في استيضاح الحقيقة في هذه المسألة، بسبب الاشتباه بان كوريا الشمالية ضالعة في البرنامج النووي السوري.

بحرصها علي اغلاق فمها، تساعد اسرائيل الاسد في ان ينسي الرأي العام العربي القضيتين. النتيجة هي حلف مصالح نادر بين دمشق والقدس. كل منهما يصمت، كي لا يجبر الاسد علي الخجل علنا والاضطرار الي عملية ثأر. وفي هذه الاثناء, بالتأكيد يمكن ارسال باقة ورد اليه.

ليست هناك تعليقات: