الأحد، مارس 30، 2008

نيكولا ميشال: إيماني عميق بأنكم سترون مفاعيل المحكمة على الأرض فور تشكّلها الـ1757 لا يتضمن حصانة الرؤساء



أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية نيكولا ميشال أن ليس لديه تاريخ محدد لبدء عمل المحكمة فعلياً. وهذا التحديد هو على عاتق الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون الذي سيقوم به وفق معايير متصلة بالتمويل والتشاور مع الحكومة اللبنانية وتقدّم عمل لجنة التحقيق.
وأعلن أن رئيس القلم في المحكمة سيبدأ مهمته قبل الصيف المقبل، وأن مشاورات مكثفة ستشهدها الأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة حول بدء مهمة المدعي العام، وأن بدء عمل القضاة سيكون بالتزامن مع بدء عمل المدعي العام.
ورأى أنه من الصعب جداً على دولة أخرى أن ترفض نقل أو تسليم متهمين لديها، والجواب النهائي في الموضوع سيتم تقييمه في حينه.
وقال "أؤمن بعمق أنه عندما تتشكل المحكمة سترون بذاتكم مفاعيلها على الأرض". وشدد على أنه ليس في القرار 1757 أي مرتكز متصل بالحصانة للرؤساء، وعلى المحكمة أن تحدد بذاتها كيف ستتعامل مع موضوع الحصانة، ولم نضع حكماً مسبقاً حول من المتهمون في هذه المحكمة".
تحدث ميشال في الرابعة والثلث بتوقيت بيروت، من مقر الأمم المتحدة في نيويورك في حوار تم ربطه تقنياً ومباشرة، مع الصحافيين الذين حضروا الى بيت الأمم المتحدة في بيروت، تناول فيها آخر التطورات المتعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي من شأنها ان تحاكم المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما آلت اليه عملية إنشاء المحكمة ومستقبل الجهود التي يقوم بها الأمين العام لاستكمال إنشائها وبدء عملها فعلياً.
شارك في الندوة صحافيون من مختلف وسائل الاعلام اللبنانية، وحضرها المسؤول الاعلامي في الأمم المتحدة في لبنان نبيل أبو ضرغم.
استهل ميشال اطلالته، بالاشارة الى انها مناسبة سعيدة له ان يكون مع الإعلام اللبناني في بيروت.
ولفت الى انه اطلع أول من أمس مجلس الأمن الدولي على التقرير الثاني للأمين العام للأمم المتحدة لتطبيق القرار 1757، وأشار الى ما تضمنه التقرير حول "التقدم في انجاز اتفاقية المقر للمحكمة والإعداد لتجهيز المبنى، واختيار القضاة والمدعي العام، ومرحلة تعيين رئيس مكتب الدفاع بالتشاور مع رئيس المحكمة الذي سيتم تعيينه في وقت قريب أيضاً، وإنشاء لجنة إدارة المحكمة التي شكلت بالتشاور مع الحكومة اللبنانية، فضلاً عن التقدم في عناصر أخرى على صعيد التمويل، خصوصاً تلقي الأمين العام 60 مليون دولار ومنها نقداً وتعهدات".
وأكد أهمية مسألة الانتقال من لجنة التحقيق الدولية المستقلة الى المحكمة "فالأمانة العامة للأمم المتحدة واللجنة تحاولان بذل جهود لضمان عملية انتقال مرنة بين اللجنة والمحكمة". وفي ذلك شدد على عاملين اثنين: "الأول: عندما نريد تطبيق ولاية المحكمة، فإن الأمانة العامة قد عملت على الحفاظ على روح كانت سائدة لدى تأسيس المحكمة حيث جاء الطلب من الحكومة اللبنانية. والثاني: ان الطلب جاء نتيجة لطاولة الحوار الداخلي التي رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري. وبالتالي إن اهدافنا في اقامة المحكمة وولايتها ان تكون هيئة مستقلة تماماً هدفها جلاء الحقيقة التي يريد ان يعرفها اللبنانيون كافة، والمساعدة في وضع حد للافلات من العقاب وهو ما يريده اللبنانيون كذلك".
اضاف: "معظم الصحافيين يسألون عن تاريخ بدء المحكمة أعمالها، أود أن أقول ليس لدي تاريخ محدد اعطيه الآن حول موعد بدء المحكمة عملها الفعلي. فهذا الأمر من صلاحيات الأمين العام للأمم المتحدة الذي يعود اليه تحديد متى ستبدأ المحكمة أعمالها وفقا لثلاثة معايير: التمويل، مشاورة الحكومة اللبنانية والتقدم في عمل لجنة التحقيق الدولية. وفي هذه المرحلة يمكنني ان أقول ان المحكمة لا يمكن ان تبدأ عملها بكافة هيئاتها بين ليلة وضحاها، والتقرير الذي
قدمته بالأمس يشير ان المحكمة ستبدأ عملها على مراحل متتالية".
ثم ردّ ميشال على أسئلة الصحافيين كالآتي:
كيف يمكن أن تفسّر لنا ماذا يعني التقرير في مسألة ان المحكمة ستبدأ عملها على مراحل متتالية؟
­ سؤال مهم جداً، هناك مفاهيم خاطئة حول عملية تشكيل المحكمة. منهم من قال بين يوم وآخر، وأن الهيئة القضائية ستشكل بين ليلة وضحاها. لن يحصل ذلك. حتى قبل ان تبدأ المحكمة فعلياً بمراحلها القضائية، يجب تحقيق عناصر قضائية. لقد عيّن الأمين العام السيد روبير فنسنت رئيسا للقلم في المحكمة، وأعتقد ان دور رئيس القلم في المحكمة الخاصة بلبنان مختلف تقريبا عما نعرفه في المحاكم اللبنانية. ودوره هو في تقديم الخدمات الداعمة لعمل القضاة عندما يكونون في المحكمة، إنه المسؤول الذي سيدير النواحي الادارية والمالية للمحكمة. اي ان وجوده خطوة اساسية في تشكيل المحكمة ويمكنني ان اعلن ان رئيس القلم سيبدأ مهمته قبل الصيف المقبل، وسنعلن قريباً جداً عن التاريخ.
وهناك عنصر آخر يجب أن يتم قبل بدء القضاة لعملهم، وهو اجتماعهم الاول لوضع اللائحة الاساسية لانظمة الاثبات وقواعد اجراء المحاكمة، وانتخاب رئيسي الغرفة الاولى وغرفة الاستئناف الذي سيكون رئيس المحكمة كلها. عنصر آخر مهم، هو بدء المدعي العام دانيال بيلمار مهمة الإدعاء العام، وهو لا يزال يعمل الآن كرئيس للجنة التحقيق، لم يحدد بعد تاريخ بدء دانيال بيلمار أعماله، إلا اننا سنشهد في الامم المتحدة مشاورات مهمة جداً خلال الايام المقبلة حول هذه المسألة، سيوزع اليوم (امس) تقرير بيلمار حول مجريات التحقيق، وسيعتمده مجلس الامن في النصف الاول من نيسان المقبل. أما بالنسبة الى القضاة، فمن المبكر جدا أن نقول منذ الآن متى سيبدأون بأعمالهم، لكن ما أن يبدأ المدعي العام بعمله سيبدأون بأعمالهم لمساعدته".
المحكمة والنفوذ السياسي
هل يمكنك ان تضمن ان المحكمة ستكون بعيدة عن كل نفوذ سياسي؟
ـ من المهم جداً ان يعي اللبنانيون ويفهموا ان المحكمة ستكون بعيدة عن النفوذ السياسي. ان القرار 1757، قضى بتشكيل المحكمة بموجب المعايير الدولية للعدالة، وهدف المحكمة هو ضمان ان تحل العدالة في هذا البلد. وكل هيئة قضائية غير منصفة ستكون مقسمة ولن تخدم السلام. وفي قواعد تأسيس المحكمة هناك ضمانات ستكون مثلاً للهيئة القضائية التي تخضع للمعايير الدولية للعدالة. مثال على ذلك، في البدء ستتشكل من قضاة دوليين ولبنانيين ومن مدعٍ عام ومساعده اللبناني. المدعي العام دولي معروف بنزاهته على المستوى الدولي. ولن يقوم وحده بتوجيه الاتهامات والتوقيفات. بل يوصي لقاضٍ يعرف بقاض الاعداد الاولي للملف، وهو قاضٍ دولي لديه خبرة عالية. اشدد على نقطة انه في كلا الغرفتين في المحاكمة، هناك قضاة دوليون، سوف تتعرفون على احترافهم عندما ترون اسماءهم. وإني شخصياً اتطلع الى رؤية هؤلاء القضاة يقومون بأعمالهم، وستقتنعون بعدالتهم ونزاهتهم.
قضية الضباط الاربعة
هناك أربعة ضباط معتقلون في شروط غير مؤاتية مع شروط الأمم المتحدة، وما من تهمة وجهت اليهم حتى الآن؟ هل هذا يؤثر على المحكمة الدولية ووضعهم كمعتقلين؟
ـ اود ان اذكر انه في الاطار القانوني الذي نعمل فيه اليوم، لدينا سلطات ملاحقة لبنانية تدعمها لجنة تحقيق دولية، واللجنة الدولية ليس بيدها اصدار مذكرات توقيف او اطلاق الموقوفين. إن صلاحيات اتخاذ هذا القرار تعود الى السلطات الجزائية اللبنانية. وبحسب المعلومات ان اللجنة نقلت الى السلطات اللبنانية كافة المعلومات التي لديها لكي تتخذ قراراً واضحاً حول ذلك. وإذا ما تدخلت الامانة العامة عندها سوف يتم القاء اللوم عليها بأنها ستتدخل في سلطات قضائية محلية. وأكرر هنا ان القرار 1757 يقضي من الامانة العامة العودة في انشطتها الى المعايير الدولية. واؤكد انه ما ان تتشكل المحكمة سوف تعمل بموجب هذه المعايير، والى ان يتم ذلك، من الضروري ان يتم احترام المعايير الدولية ليتم احترام حقوق الانسان.
تسليم المطلوبين
كيف ستتعاطى المحكمة مع الجهات أو القوى الرافضة لتشكيل المحكمة وقيامها، أو في حال لم تسلم دولة ما مطلوبين لديها؟.
ـ ان المحكمة يتم تشكيلها باتفاق ثنائي بين لبنان والامم المتحدة. هذا الاتفاق يتم توقيعه ولم يصادق عليه وأحكامه دخلت حيز التنفيذ بموجب قرار مجلس الامن. لكن وجود مثل هذا القرار لا يغير صفات المحكمة، وهي أنها ذات طابع دولي وقرار المجلس لا يشتمل على اي احكام ملزمة بالنسبة الى القوى الأخرى أي الثالثة. . إذاً، على المحكمة ان ترتكز على التعاون الطوعي من الاطراف او الدول. واذا لم تمتثل دولة او طرف ثالث او اطراف اخرى بأي قرار او اجراءات فإن المحكمة لن تتأثر بهذا الرفض لأن لديها صلاحيات في المحاكمة غيابياً. وإذا وصلت المحكمة الى نقطة طلبت فيها نقل متهم ما موجود في دولة ثالثة، يكون لديها لذلك اثباتات مادية وحسية واضحة لطلب النقل، ومن الصعب جداً على الدولة الثالثة ان ترفض نقل المتهمين لديها. ومن الصعب ان أعطيكم جواباً نهائياً الآن لأنه سيتم تقييم الوضع في حينه.
تحدثتم عن هدف المحكمة الدولية الذي هو إرساء العدالة. وعندما طالب السياسيون اللبنانيون بإنشاء المحكمة طالبوا بذلك لحمايتهم من عمليات الاغتيال السياسي الذي يطالهم، ونحن اليوم في العدد العشرين من الاغتيالات. كما تحدثت عن آلية طويلة لتشكيل المحكمة. فهل هذا يساعد السياسيين اللبنانيين المعرضين إلى الاغتيال؟
ـ أفهم سؤالك وعدم الصبر الكامن وراءه، ان تكرار محاولات الاغتيال ندينه بشدة وكل الشعب اللبناني يريد وضع حد له. لا شك ان المحكمة هي أحد العناصر الأساسية، وليست العنصر الوحيد، لوضع حد للإفلات من العقاب في لبنان. وما ان يرى الناس ان هناك نيّة حقيقية لوضع حد سيفكرون ملياً قبل القيام بأعمالهم. وعندما نقول إننا نريد إحلال العدالة لإحلال السلام نعني وضع حد للافلات من العقاب ووجوب خلق مؤسسة تكون رادعا. وأنا أؤمن بعمق أنه عندما تتشكل المحكمة سوف ترون بذاتكم مفاعيلها على الأرض.
هل تقدم المحكمة وأسس المحاكمة الحصانة للرؤساء؟
ـ المحكمة ترتكز إلى القانون الدولي. وليس هناك من مرتكز في القرار 1757 في شأن الحصانة. وعلى المحكمة أن تحدد بذاتها كيف ستتعامل مع موضوع الحصانة. بالنسبة الينا لم نضع حكماً مسبقاً عمن سيكون المتهمون في هذه المحكمة.
إذا لم تلق المحكمة كل التمويل هل تتوقف عن العمل لحظة نفاد المبلغ؟
ـ ان ما حصلت عليه الأمم المتحدة من تمويل للمحكمة وصل إلى 60 مليون دولار أي يفوق ما هو ضروري لتغطية السنة الأولى من تشغيل المحكمة وعملية تجهيزها. والأمانة العامة حالياً إلى جانب لجنة الإدارة هي في طور البحث عن تعهدات جديدة بالنسبة إلى السنتين الثانية والثالثة لتشغيل المحكمة. والأمين العام يريد ان يتلقى إشارات واضحة بأن تمويل تشغيلها للسنتين الأخيرتين سيكون موجوداً. وهناك أحكام في ملحق القرار 1757 تقول إنه في حال ظهر نقص في التمويل، فإن الأمين العام يجب أن يلفت مجلس الأمن للبحث عن تمويل إضافي. أنا على ثقة ان العملية سوف تتم بشكل ايجابي.
ورداً على سؤال بالنسبة إلى المشككين في القضاة اللبنانيين، قال: "إن تعاطيّ في هذا الكلام سيكون حذراً جداً، والمحكمة في النهاية تحدد أموراً متصلة بالسلوكيات، كما يمكن للقضاة تقديم استقالاتهم، لكن لا يحق لي ان أوجه اتهامات للقضاة خصوصاً وأنه لم يتم بعد الإعلان عن اسمائهم".
ونفى ميشال ان يكون عدم توفير التمويل للسنتين الثانية والثالثة لعمل المحكمة مرتبطاً بتردد الدول الممولة "انما الأمر يرتبط بصعوبات تعانيها كل الدول بمن فيها لبنان بتحديد التزامات ملموسة في موازناتها لأكثر من سنة. إلا ان ما تحقق على صعيد تمويل المحكمة يعتبر إنجازاً كبيراً وناجحاً إذ تأمن 60 مليون دولار ويلزم للسنتين الثانية والثالثة 90 مليون دولار. والدول عازمة على مواصلة الدعم للمحكمة، والأمين العام يسعى للحصول على إشارات الالتزام المرتقب".
ولفت إلى ان مجلس الأمن سيقوم خلال الأسابيع المقبلة بتقييم عمل لجنة التحقيق ومساره. وأشار إلى ان العدالة "لا يمكن تقسيمها ولا يمكن أبداً ان تكون انتقائية"، آملاً وضع حدّ لكل الجرائم التي تستهدف لبنان. وأكد ان بدء عمل المحكمة "يعني بدء عمل المدعي العام، ولجنة التحقيق يمكنها ان تقدم لمساتها الأخيرة". ولفت إلى انه "ليس من فارق في التعويض للضحايا في حالة الحكم الغيابي أو الواقعي في أحكام القانون المطبّق".
وقال رداً على سؤال آخر، إن المعلومات التي نشرتها جريدة "الأخبار" حول تمويل سويسرا له هي "خاطئة وإن الأمانة العامة أوضحت سابقاً هذه المسألة".

ليست هناك تعليقات: