الأربعاء، أغسطس 10، 2011

مصادر فرنسية: ثمة حاجة لعقوبات من «نوع جديد» ضد السلطات في دمشق

باريس تريد رؤية «عملية انتقال ديمقراطي» في سوريا

خطت باريس خطوة تصعيدية إضافية إزاء استمرار القمع في سوريا بعد نهاية أسبوع دام في دير الزور ومدن وقرى سورية أخرى، وجاءت لتندرج في إطار زيادة الضغوط السياسية والدبلوماسية العربية والدولية على السلطات في دمشق لحملها على وضع حد للعنف.
وذهبت الخارجية الفرنسية إلى المطالبة بـ«عملية انتقال ديمقراطي تستجيب لتطلعات الشعب السوري». غير أن البيان الصادر أمس التزم، مع ذلك، جانب الغموض إذ تحاشت الخارجية الفرنسية «توضيح» موقفها لجهة معرفة ما إذا كانت عملية التحول الديمقراطي ستتم تحت رعاية النظام أم بعيدا عنه. وبكلام آخر، لم يفهم رسميا ما إذا كانت فرنسا تطالب برحيل النظام لإتمام عملية الانتقال الديمقراطي أم أنها تطالب النظام بالإصلاحات الديمقراطية.
وتعتبر المصادر الفرنسية أن العقوبات الفردية «مهمة ولكنها لن تكفي» لحمل النظام على تغيير سلوكه ولذا ثمة حاجة لعقوبات من «نوع جديد». وسبق للرئيسين ساركوزي وأوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن اتفقا على النظر في تدابير «إضافية» ضد دمشق.
وسبق لباريس أن اعتبرت أن النظام يفتقد أي مصداقية لقيادة الإصلاحات وأنه وصل في قمعه إلى «نقطة اللاعودة» فضلا عن أنه اختار «الحل الأمني» ما يعني أن قدرته على تحقيق الإصلاحات التي وعد بها «معدومة».
وأكدت باريس مجددا على هذه المقاربة إذ اعتبرت، في البيان عينه، أن استمرار «القمع الدموي» واستمرار الاعتقالات بمن فيهم المعارض المعروف وليد البني «تمنع من إعطاء وعود السلطات بإجراء انتخابات حرة وشفافة أي صدقية» لا بل إنها تبدو على أنها «مناورات تسويفية».
وكان وزير الخارجية ألان جوبيه وصف ما أعلنه الوزير وليد المعلم الأسبوع الماضي عن عزم السلطات إجراء انتخابات نزيهة بأنه أشبه ما يكون بـ«الاستفزاز»، داعيا أولا وقبل كل شيء إلى وقف القتل والقمع على «نطاق واسع» وفق ما جاء في بيان الخارجية أمس. وعبرت باريس عن «قلقلها العميق» إزاء الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان واستخدام الدبابات والرصاص الحي ضد المدنيين والاعتقالات الواسعة واللجوء إلى التعذيب. وأشارت باريس إلى أن قلقها الكبير تتشارك به مع الكثير من دول المنطقة ومع الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة. وفيما يشبه التحذير المباشر لدمشق، اعتبرت باريس أن «زمن الإفلات من العقاب بالنسبة للمسؤولين السوريين قد ولى إلى غير رجعة»، مطالبة بأمور ثلاثة: وقف القمع الواسع، وإطلاق سراح كل معتقلي الرأي أو الذين أوقفوا بسبب دفاعهم عن حقوق الإنسان، وأخيرا تحقيق عملية الانتقال الديمقراطي.
ويأتي موقف باريس المتشدد الذي يندرج في سياق ما التزمت به فرنسا منذ بداية الاحتجاجات في سوريا فيما تتسارع الاتصالات أوروبيا وأميركيا لفرض عقوبات اقتصادية يكون من شأنها إصابة الاقتصاد السوري وتجفيف منابع تمويله.
وتدور المناقشات بين مجموعة الأوروبيين الـ27 وبالتشاور مع واشنطن لتحديد طبيعة العقوبات التي ستكون مختلفة عن «العقوبات الفردية» التي اتخذت بحق 35 من أعمدة النظام السوري وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد لجهة تجميد ودائعهم في المصارف الأوروبية ومنعهم من الدخول إلى الفضاء الأوروبي فضلا عن عدد محدود من المؤسسات التي اعتبرت أنها تدعم النظام. لكن العقوبات موضع البحث الآن تتناول قطاع النفط والغاز من جهة والقطاع المصرفي من جهة أخرى.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فإن الموضوع السوري سيعود إلى طاولة مجلس الأمن الدولي يوم الخميس المقبل وفق ما اتفق عليه أعضاؤه بمناسبة صدور البيان الرئاسي في الثالث من الشهر الحالي.
وتريد باريس استخدام اجتماع المجلس القادم للعودة إلى طرح مشروع قرار جديد يدين القمع في سوريا وربما تضمنه تدابير أخرى مثل المطالبة بإرسال لجنة تحقيق دولية أو حتى طرح فكرة فرض عقوبات دولية عليها.
ويرى مراقبون في العاصمة الفرنسية أن الملف السوري سيكون ومنذ صدور البيان الرئاسي بشكل دائم على طاولة مجلس الأمن إذ لا يستبعد أن يطلب مجددا من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم تقرير دوري عن تطور الوضع في سوريا. وكما كانت باريس قد اعتبرت نجاح المجلس في إصدار بيان بمثابة «تحول» فإنها تعلق أهمية كبرى على المواقف العربية الجديدة وخصوصا الخليجية فضلا عن موقف تركيا حيث ترى أنها تزيد من عزلة الرئيس الأسد وتسحب من تحته وسائل الدعم التي كان يرتكز إليها. لكن باريس ترفض حتى الآن الاحتذاء بإيطاليا و«السعودية والكويت» لجهة سحب سفيرها من دمشق الذي زادت زيارته مدينة حماه العلاقات الفرنسية - السورية توترا.

ليست هناك تعليقات: